الخلفية النظرية للدراسات البينية


 

الخلفية النظرية للدراسات البينية:



أ‌-              فلاسفة اليونانيين:

     أشار كل من (العاني،2015م، ص ص 56-57) و(زاهر، 2018م، ص ص 286-287) إلى أن الدراسات البينية ترجع ملامحها الفكرية إلى عصر الفلاسفة اليونانيين القدماء الذين تميزوا بنظرياتهم الفلسفية المعروفة كالمثالية والواقعية؛ إذ كانت المعرفة لديهم تنطلق من فكرة وحدة المعرفة وشموليتها، التي تنبع من اجتهادات الفلاسفة وتأملاتهم الفكرية التي تجتمع أحيانا في نقاط معينة وتختلف في نقاط أخرى، كما كانت الفلسفة في حينها مرادفة المفهوم العلم بمعناه الواسع في عصرنا هذا ولقد واجه الفلاسفة - عبر التاريخ - مشكلات كثيرة، فحاولوا حلها عن طريق تفسير كل ما يقع في مجال الخبرة الإنسانية بأسلوب فلسفي متمثل في عدة مباحث:

-      مبحث ما وراء الوجود والذي يطلق عليه الميتافيزيقا (علم ما وراء الطبيعة).

-       والوصول إلى المعرفة عن طريق مبحث الأبستمولوجيا (دراسة المعرفة).

-      الوصول إلى دراسة السلوك الإنساني والقيم الموجهة إليه من خلال مبحث الإكسيولوجيا (علم القيم) ومن ثم يمكن القول إن الهدف من دراسة تاريخ الفلسفة كان هدف الفلسفة في العصور الأولي وهو البحث في طبائع الأشياء وحقائق الموجودات والسعي لمعرفة المبادئ الأولى، والحقيقة ذاتها.

ب‌-         الفلسفة الحديثة:

أما الفلسفة الحديثة بمدارسها المتشعبة فقامت نظرياتها على:

-      العقل مثل المدرسة العقلية وقائدها رنييه ديكارت (۱۰۹۹ - ۱۹۰۰).

-       والمدرسة التجريبية وقائدها فرانسيس بيكون (۱۹۲۹-۱۰۹۱) وكانت هذه الفترة تحمل معنى التقدم العلمي مما يدل على ارتفاع قدر العلوم الإنسانية، وانفتاح مناهجها على التنظير العقلي والاستدلال الإمبريقي التجريبي.

وعلى الرغم مما بحثه الفلاسفة عبر التاريخ إلا أنه لم يكن كافي في حل المشكلات الإنسانية، خاصة بعد أن ظهرت المستجدات الحالية في مجالات العلم والمعرفة، وتأثير العولمة والثورة المعلوماتية والتفجر المعرفي وانعكاساته على الحياة الإنسانية، إذ أصبح الفرد يعاني من مشكلات عدة بسبب كثرة العوامل والمتغيرات وتشابكها مما يصعب فهمها وإيجاد الحلول المناسبة من زاوية نظر متفرعة.

ولهذا فرضت الظروف الاجتماعية والاقتصادية والثقافية والسياسية التي مر بها الإنسان سعياً لتحسين حياته المعيشية وتطورها إلى تطور العلوم والمعارف والتخصصات؛ فمن العلوم الاجتماعية تفرعت عنها فروع الاقتصاد والاجتماع وعلم النفس والإنثروبولوجي (علم الإنسان) والعلوم السياسية ثم التربية، ومن الفيزياء خرجت الكيمياء والرياضيات التطبيقية ، وكل نظام تخصصي كان يحمل في داخله هدفه الذي دفعه إلى التخصص، لدرجة أن الدراسة داخل تخصص ما أصبحت تنقسم إلى أجزاء على أسس من مبادئها وأسسها المستقلة، ولأن الأسس المستقلة أصبحت تتزايد كذلك كانت مثيلاتها من التكوينات والتشكيلات الجامعية، واستمر الأمر يسير ولكن ببطيء نسبي،  وعلى الرغم مما وصلت إليه هذه العلوم المنفصلة السابقة - من تقدم وتطور إلا أنها وجدت نفسها حائرة في تلبية متطلبات الحياة، كما أن الاستمرار في عزل التخصصات عن بعضها سيؤدي بها على جعلها تعيش في جزر متباعدة ومن ثم كان لابد من التفكير بجدية في الانفتاح بين التخصصات والدعوة لوحدة المعرفة والأخذ بالعلوم البينية ومناهجها.

واختصر (أ.د. جمال مصطفى محمد مصطفى) في ملتقى الدراسات البينية إلى أن تطور الدراسات البينية كالآتي:

·      كانت الفلسفة كما يقولون أم العلوم.

·      ثم بعد ذلك تم تفكيك هذا المصطلح حتى أصبحت علومًا.

·      ثم بعد ذلك نحن الآن نحاول أن نعيد للعلوم ترابطها وعلاقتها التي تنجم عن نتائج بحثية تؤدي إلى تطور الحياة أو تطوير الحياة الإنسانية.




ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق