أفق الشمس .. أيضاً المناهج



في مقال سابق قلت أننا في حاجة لتغيير المناهج الخاصة بالجنسين وكما هي العادة اعتقد البعض أن التغيير فقط خاص بالمناهج الدينية، وهذا الفهم حقيقة هو احد نتائج التعليم السلبية لدينا حيث أن طريقة التعليم سلبتنا القدرة على احترام الرأي الآخر والاعتقاد الحسن به، البعض للأسف اعتقد أن الدعوة للتغيير تعني التقليل من اهمية التعليم الديني وهذا قصور في الفهم وسوء نية تجاه الآخر وقبل ذلك ضعف ثقة في النفس؟؟ بداية نحن جميعاً وبدون استثناء مسلمون بل إن جذور ثقافتنا مهما تنوعت ومهما أخذت من المسارات فإنها ولله الحمد تتجذر وبشكل واضح في الثقافة الإسلامية لأن طبيعة ا لحياة والتعليم والمؤثرات المباشرة جميعها تخضع في تكوينها للروح الإسلامية بكل سماحتها التي جعلتنا في فترة مضت حقيقة نموذج الإسلام الحقيقي.

نعم نحن نريد أن تتغير المناهج بما فيها المناهج الدينية لأننا نريد أن يتعلم أبناؤنا أن البر في الوالدين واجب وكذلك نريد أن يعلموا عن قناعة أن الحفاظ على المؤسسة العامة هو من أدبيات الإسلام وأن الصدقة ليست في المال فقط بل إنها كلمة طيبة ونوايا حسنة وأن التسامح ركيزة التعامل عند المسلم نريد أن نتعلم في المدرسة أصول التعامل من منظور إسلامي صحيح بين الرجل والمرأة بين الأخ وأخته بين الطالب والمعلم بين المسلم وغير المسلم نحتاج أن نغرس داخل صغارنا بذور المحبة نحو الوطن والأرض نحو المؤسسة العامة التي هي ملك له ولغيره ممن حوله نريد من المنهج أن يعلمنا أن الاستفادة من العلوم والتقنية المتقدمة هو من أصول العمل بالإسلام وأن التشكيك في كل علم حديث للأسف يكشف ضعفنا من الداخل وعدم ثقتنا في الإسلام والمسلم نريد من مدارسنا أن تعلمنا أسلوب التفكير المنطقي أن تعلمنا أبجديات التحليل والاستنتاج، نحن لا نريد من المنهج والمدرسة أكثر من أن تقدم لنا إنساناً مسلماً بقلبه وعقله قناعة لا تبعية، مسلماً يعلم يقينا أن الحياة لا تتوقف عند حدوده فقط وإنما هي مصالح تتقاطع مرة وتختلف مرة أخرى وتظل ثوابت الدين لا تتغير متى كنت قوياً من ا لداخل كفرد وكأمة ومجتمع بكل ما فيه من مؤسسات ونظم اقتصادية وتعليمية وإعلامية وعسكرية وسياسية وليس مجرد إنسان مغلق ومجتمع متخوف من كل شيء حتى من بعضه وبعضه لمجرد الاختلاف في الرأي وليس في الثوابت.

نعم نريد تعليماً يعلمنا العبادة ويعلمنا التعامل بين العباد ، تعليماً يطور عملية التفكير عندنا وليس تعليماً يعيق التفكير لدينا ولعل شكوى الطلبة هذه الأيام وهي شكوى موسمية من صعوبة أسئلة المواد العلمية والمواد التي تتطلب تفكيراً وتحليلاً يؤكد أننا نحتاج لتطوير المنهج والأسلوب التلقيني الذي لا نكتشف عيبه إلا عند وضع أسئلة التوجيهي أما نحن من نعلم طلبة الكليات والجامعات فنلمسه كل صباح مع عجز شبابنا عن المشاركة في أي نقاش علمي مهما كان مباشراً وسهلاً أتذكر أن أكثر من طالبة يرفضن الدخول في نقاش علمي ويؤكدن صراحة أنهن يشعرن بالخوف من الخطأ ومن الحوار وأنهن اعتدن أن يكن جزءًا مكملاً للمقعد للأسف؟؟

نعم نحن نريد من المنهج أن يعيد صيغة الشخصية الوطنية التي لا نريد أن تكون مجرد موافقة على كل شيء أو رافضة لكل شيء والقاسم المشترك بين هذا وذاك هو التخوف والشك وعدم الثقة فيمن حوله.. وبالطبع مصادر التخف تختلف ولكن الأكيد أن نتائجها ستكون سلبية على الوطن كأفراد وكمؤسسات مستقبلاً.

لذا فإن مسئولية المنهج التعليمي مسئولية عظيمة أمام الله ثم أمام الوطن الذي يحتاج لإنسان قادر على احترام ذاته من واقع الثقة في نفسه ومن يقين حقيقي أن الإسلام دين يبني الإنسان القوي القادر على العطاء والتفاعل مع معطيات الحياة بقدرة إيجابية منتجة أكثر منها سالبة ورافضة لمجرد الخوف من الآخر حتى وإن كان هذا الآخر قبل دقائق بجانبه يصلي الفريضة.

المصدر: جريدة الرياض

الرابط:

https://www.alriyadh.com/27127


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق